الفساد وقطاع السياحة

التاريخ: 17 ابريل 2025

للسياحة دور محوري في التنمية المستدامة والازدهار العالمي. ففي عام 2024 حقق قطاع السياحة عائدات بقيمة 11.1 تريليون دولار أمريكي على مستوى العالم، وهو ما يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وكان القطاع كذلك مجالا لعمل 348 مليون شخص، أي ما يعادل 10.4% من إجمالي العمالة. وخلال العام ذاته، بلغ حجم الدخل من قطاع السياحة في بلدان منظمة التعاون الإسلامي ما يناهز 921 مليار دولار أمريكي، وهذا ما يمثل نسبة 7.3% من مجموع ناتجها المحلي الإجمالي. ومن ناحية الوظائف، كانت السياحة مجالا لعمل أكثر من 50 مليون فرد، وهذا الرقم يجسد 7.2% من إجمالي العمالة في بلدان المنظمة، والأرقام بهذا الخصوص في تزايد مطرد. وتشير تقديرات المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC, 2024) إلى أن معدل النمو السنوي لمساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بلغ حوالي 12% في عام 2024، فيما ازدهرت العمالة في القطاع بنسبة 5.5%.

إن السياحة من القطاعات الحيوية في المنظومة الاقتصادية ودورها لا غنى عنه في تحقيق التنمية المستدامة، ومعلوم أيضا أنها إحدى آليات التبادل الثقافي الذي يسمح بالتواصل بين مختلف الشعوب والأمم في العالم. وبحكم الإرث التاريخي والثقافي والطبيعي الذي تزخر به بلدان منظمة التعاون الإسلامي، فإن أمامها فرصا هائلة لتطوير قطاع سياحي مستدامة وأخلاقي وشامل، وهذا من الأمور الضرورية لتحقيق الرفاه الاجتماعي والتقدم الاقتصادي. ومن المهم الإدراك أن نجاح قطاع السياحة يتأثر إلى حد كبير باختيار الناس للسفر إلى وجهة معينة دون غيرها، وهذا الاختيار تتدخل فيه بشكل كبير عوامل محددة مثل السلامة والأمن وسيادة القانون. فالبلدان التي تعتمد مبادئ الحوكمة الجيدة أو بصدد القيام بذلك، تحقق نجاحا كبيرا في تسخير إمكاناتها السياحية (Ekine, 2018; Bayar, 2023; Abu, 2024).

وفي هذا السياق، إلى جانب النهوض بالبنية التحتية وقابلية الربط بين الوجهات، فإنه من الضروري اعتماد الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع لضمان الأمن والسلامة وكفاءة ونزاهة المؤسسات العامة، وبالتالي تحقيق القطاع للنمو والازدهار المنشود. والملحوظ أن السياحة، من بين العديد من القطاعات الاقتصادية، لها حساسية خاصة تجاه قضايا جودة الحوكمة وفعالية الأطر المؤسسية والفساد. وتهدف هذه الدراسة الموجزة لاستعراض مدى مساهمة النزاهة المؤسسية في تعزيز نمو قطاع السياحة، مع تسليط الضوء على أهمية السياحة المستدامة والحوكمة الجيدة. بعد ذلك يتطرق للتحديات التي تعيق الحوكمة الجيدة في أبرز المجالات السياحية، وتعرض الاستراتيجيات والممارسات التي ثبتت نجاعتها في التقليص من الفساد في قطاع السياحة، وتقدم في الأخير توصيات متعلقة بالسياسات بناء على النتائج المتوصل إليها.

النسخة الإلكترونية على الإنترنت